روايه في قبضة الضلام - رحمة بلعزي
حول رواية في قبضة الضلام بقلم رحمة بلعزي
ها أنا .. قد هربت وتركت كل شيء خلفي، ولكن .. اين انا الأن، ظننت أنني أخيراً تحررت، ولكن الظلام الذي فررت منه كان مجرد بداية .. كنت أركض بلا وجهة، حتى توقفت الحياة فجأة .. إلى اين حملني ذلك الراجل ذو العينين الحادتين .. لقد هربت من الظلام ولكن .. كل ما أعرفه الآن أنني لم أهرب ... بل سقطت في أعماق مجهولة لا مفر منها ..
نبدة عن كاتبة رواية في قبضة الضلام
اسم الكاتبة رحمة بلعزي RAHMA bilezi أصبحت أعيش داخل عوالم الروايات التي اكتبها بيدي، حتى إنني حين أغفو أجد نفسي أغوص في تفاصيلها وأكمل ما لم يكتب بعد في يقظتي، أستيقظ وفي داخلي شغف لا ينطفئ، يدفعني لأمسك القلم وأعيد إحياء تلك الأحلام على الورق، وكأن الأحلام والرواية والواقع جميعها خيوط متشابكة في نسيج لا ينتهي وكأنني أكتب قدري في عالم اخترته بنفسي
الفصل الأول ليلة بلا مفر PART 1♡ في قبضة الضلام
🌟 أهلاً بيكم ي نجماتي🌟 أنا النهارده هبدأ معاكم رحلة جديدة، مليانة مشاعر وأحداث مشوقة ❄️🖋️ بجد دعمكم هو اللي بيشجعني أكمل وأدي أحسن م عندي .. كل Vote منكم بيعمل فرق كبير وبيحمسني أكتر🫶🏻❤️ 📖 قصتي دلوقتي بين إيديكم، ونجاحها مش هيكمل غير بيكم❤️🩹 متنسوش تصوتوا لو عجبتكم البداية، وكمان قولولي رأيكم ف الكومنتات .. رأيكم دايماً بيهمني وبيوجهني 🗺️ شكرًا ليكم من قلبي🫂 .
. . . . . . . . . . . . . في مدينة تعج بالضباب والدخان، حيث تلتهم شوارعها الأرواح قبل أن تلتهمها الجدران، ويمتزج فيها الجشع بالضعف .. تبدأ الحكاية ليست عن صراع الخير والشر المعتاد، بل عن عالم ينهار فيه كل ما هو مألوف ليعيد تشكيل نفسه في دوامة لا ترحم من الألم والخيانة ... ألبرت، اسم يحمل رهبة لا حدود لها رجل في الثامنة والعشرين من عمره طويل القامة ببشرة برونزية ووشوم معقدة تمتد من ذراعه الايمن إلى عنقه، تحكي قصصاً لا ينساها الزمن .. عيناه السوداوان كنافذتين تطلان على هاوية بلا قاع، ونظراته تخترق الأرواح وترعبها لكنه لم يكن دائما هكذا .. كان طفلاً صغيراً يوم رأى والده يقتل أمه بدم بارد، لحظة كانت كافية لتحطم براءة طفولته وتصنع بداخله بركاناً من الكراهية لا ينطفئ .. عاش تحت قسوة والده الذي علمه دروساً بجلده وجراحه: "إما أن تكون قوياً، أو أن تسحقك القوة" كبر ألبرت ليصبح سيدًا لعالم تحت الأرض، زعيماً لعصابة تدير تجارة البشر بذكاء شيطاني قراراته حادة كالشفرة ويداه لا تعرفان الرحمة .. لكن خلف هذه القسوة يكمن قلب مثقل بالذكريات .. الكوابيس تراوده دائماً تسحب عقله إلى لحظة فقدانه لوالدته، تذكره بمن يكون حقاً .. وفي الجانب الآخر من المدينة، كانت ليزا فتاة في الثامنة عشر من عمرها، تحاول النجاة في عالم لا يمنحها أي رحمة يتيمة بعد حادث سيارة مأساوي قتل والدها ووالدتها .. وجدت نفسها تحت رحمة عمها وزوجته القاسية .. كان منزلهم سجناً، والقسوة لغتهم الوحيدة لكنها رغم ذلك أخفت ألمها بابتسامة خفيفة، واحتفظت بأحلامها الصغيرة، متحدية قسوة الحياة بإصرار لا ينكسر .. ثم هناك أيثان، الصديق القديم لألبرت، والوجه الآخر للعملة رجل ولد في بيئة مختلفة تماماً، عائلتة غمرته بالحب والثقة منذ طفولته .. رأى إيثان في ألبرت شيئاً مختلفاً، رجلاً محطماً لكنه قوي .. اختار أن يكون ظله صوته العقلاني وسط عواصف الغضب .. ومع أن إيثان أصبح رجل أعمال ناجحًا، إلا أن حياته المزدوجة في عالم العصابات إلى جانب ألبرت كانت تحمل تعقيداتها كان الضوء الذي يوازن ظلام صديقه، لكنه في داخله يحمل صراعه الخاص بين العالمين .. وفي هذا العالم المتشابك، ظهرت إيفي، أخت إيثان ذات العشرين عاما شجاعة ومرحة، لا تسكت عن الحق، وهي صوت الإنسانية في عالم يزداد ظلاماً دائما ما تواجه أخاها إذا أخطأ، وترى فيه الحامي الذي لن تخشى الظلام بوجوده .. أما كيفين، الرجل الذي كان يوماً شريكا مخلصاً لألبرت فقد اختار طريقاً مختلفاً بسبب طموحه المجنونه بالسلطة الذي دفعه إلى الخيانة، محاولاً قتل ألبرت ليصبح الزعيم الجديد .. لكنه فشل، ليتحول إلى عدو لدود يسعى للأنتقام مهما كان الثمن .. وفي مدينة تخنقها أسرارها، تلتقي طرق هؤلاء الأبطال والخونة .. هناك حيث تبدأ قصة تكسر الحدود بين الحب والانتقام، النور والظلام .. كل منهم يحمل ماضيه وأحلامه وأشباحه .. لكن في قبضة الظلام، لا أحد يخرج كما كان ..
الساعة السادسة صباحاً، صوت المنبه يدق كأنه يوقظ العالم بأثره، نهضت ليزا من سريرها الصغير في غرفتها الباردة ذات الجدران الباهتة .. أخذت نفساً عميقاً وكأنها تستجمع شجاعتها ليوم جديد من القسوة المعتادة كانت تعلم أن الصباح في منزل عمها لا يحمل أي وعود بالأمل، لكنه يعني شيئًا واحدًا: البقاء على قيد الحياة ليوم آخر .. ارتدت ليزا ثيابها البسيطة، ثم خرجت من غرفتها بهدوء متسلله إلى المطبخ، بدأت بتحضير الإفطار، كما اعتادت أن تفعل كل يوم، لم تتوقع يوماً أن تجد الحب أو الدعم هنا، لكنها كانت تبني أحلاماً صغيرة بصمت، حلم بإكمال دراستها، وحلم بالخروج من هذا المنزل البارد بينما كانت تضع الصحون على الطاولة، ظهر عمها فجأة عند الباب كان ينظر لها نظره غريبة .. كان وجهه عابسًا كعادته، لكن هذه المرة كان هناك شيء مختلف، شيء أخطر نظرت له ليزا وهيا تضع الصحن الأخير ثم توجهت لغرفتها. كان اليوم يبدو عادياً، أو هكذا حاولت ليزا أن تقنع نفسها، لكن عين عمها اللتين ترمقانها بغموض كانت تخفيان شيئاً مريباً وبينما كانت تستعد للخروج إلى الجامعة ووصلت عند الباب، سمعت صوته القاسي يقطع عليها حبل أفكارها: "لا داعي لأن تذهبي اليوم" توقفت ليزا، واستدارت نحوه باندهاش: "لماذا؟" اقترب منها بخطوات ثقيلة وقال بحدة: "لأنك لن تذهبي للجامعة بعد الآن لديكِ زفاف بعد قليل" شعرت وكأن الأرض قد تزلزلت تحت قدميها، نظرت إليه وكأنها لم تصدق أذنيها: "ماذا تقول .. أي زفاف .. أنا لن أتزوج ابتسم عمها ببرود، وأشار إلى الغرفة الصغيرة التي كانت تستخدمها كمأوى لها في منزله: "ادخلي الآن، وستجدين فستانك هناك عمتك ستأتي لتجهزك، والمصففون في الطريق لا تحاولي الاعتراض، لأن كل شيء تم ترتيبه" صرخت ليزا بغضب: "لن أفعل .. لا أحد يملك حق في اتخاذ هذا القرار في حياتي" لكن عمها لم يعطيها فرصة للمزيد، أمسك بذراعها وسحبها نحو الغرفة، دفعها إلى الداخل بقوة، ثم أغلق الباب بالمفتاح من الخارج داخل الغرفة، وجدت ليزا الفستان الأبيض موضوعاً على السرير، بينما صوت خطوات عمتها يقترب دخلت بأبتسامة باردة تحمل تهديداً: "اجلسي، لن أضيع وقتي مع عنادك" حاولت ليزا المقاومة، لكنها كانت محاصرة .. دخل فريق التجميل قامت عمتها بإعدادها رغماً عنها، فستانها الأبيض بدأ وكأنه قيد جديد يُضاف إلى حياتها، والمكياج الذي وضعوه فريق التجميل كان أشبه بقناع تخفي خلفه ألمها.
ما انتهوا من تجهيزها، دخل عمها أمسك بها وأخذها إلى السيارة التي كانت تنتظرهم تحت
زل، بينما ليزا تجلس في المقعد الخلفي متجمدة كأنها دمية فقدت إرادتها، كان عمها وعمتها يجلسان في الأمام، يتبادلان حديثاً لم يكن من المفترض أن تسمعه، لكن صوتهما كان مرتفعاً بما يكفي ليكشف وجوههما الحقيقية
قال العم بنبرة خافتة لكن مليئة بالجشع: "أخبرتك أن هذه الصفقة ستغير حياتنا، الرجل دفع مبلغاً لا يمكن رفضه" ردت العمة، وهي تعدل وشاحها الفاخر بفخر: "وما الذي سيجده أفضل من فتاة مثلها صغيرة وجميلة، لن يعترض حتى لو كانت فقيرة المهم أنه سيحصل على ما يريد" ضحك العم بسخرية، وضرب على مقود السيارة بخفة: "هو فقط يريد عروساً تكمل صورته الاجتماعية لا يهمه شيء غير ذلك ... ولحسن الحظ، نحن نعرف كيف نستغل الفرص هذا المبلغ سيجعلنا نعيش كالأسياد" تساءلت العمة، وهي تنظر في المرآة الخلفية لتتفحص ليزا كأنها سلعة: "لكن ... ألا تعتقد أن عمره قد يكون مشكلة إنه أكبر من والدها، أليس كذلك؟" رد العم ببرود: "وما المشكلة .. عمره، صحته، أو حتى نواياه، كل هذا لا يهمنا المهم أن الأموال أصبحت في جيبنا، والفتاة ستصبح مشكلته، لا مشكلتنا" تبادلاً نظرات مليئة بالطمع، بينما ليزا كانت تغرق أكثر في صمتها، تشعر كأن قلبها يضيق عليها أكثر مع كل كلمة تسمعها. في قاعة الزفاف الفخمة، حيث كل شيء بدا كأنه جزء من لوحة مثالية، نزلت العمة من السيارة أولاً، وتبعتها ليزا التي بالكاد كانت تسحب خطواتها بثقل. التفتت العمة إليها بعصبية وهي تمسك بيدها بقوة لتجبرها على السير بخطوات ثابتة، وقالت بنبرة متسلطة: "ارفعي رأسك، وامشي بشكل مستقيم لا أريد أن يبدو علينا أننا جررناكِ إلى هنا" ثم توقفت فجأة لتعيد ترتيب الفستان الأبيض عليها، تمسح دموعها بيد خشنة غير مبالية، وتهمس ببرود:
اكِ تصرفاً كطفلة، هذا يومك الكبير على الأقل، كوني مفيدة لنا ولو لمرة واحدة في حياتك" نظرت ليزا إلى عمتها بنظرة فارغة، بينما كانت تلك المرأة تضحك ضحكة حاقدة، أشبه بضحكة ساحرة شريرة، قبل أن تقول بصوت ساخر: "كل شيء جاهز هنا ... حتى أنتِ الآن ادخلي الغرفة وانتظري ولا تحاولي فعل أي تصرف أحمق، لأنك تعرفين جيداً عواقب ذلك" دفعتها برفق قاسً إلى داخل الغرفة المخصصة للعروس، ثم أغلقت الباب خلفها وأقفلت بالمفتاح .. وقفت ليزا في منتصف الغرفة الفخمة، محاطة بالمرايا من كل زاوية رفعت رأسها لتجد انعكاسها في المرآة، وجهها بدا غريباً حتى عليها مكياج ثقيل، فستان أبيض مزين وكأنه قيد من الحرير.
بضع خطوات نحو المرآة، نظرت في عينيها مباشرة، ولم تستطع كتمان الكلمات التي خرجت منها بشيء من المرارة والتحدي: "أنا ... لست لعبة في يد أحد لن أكون" لم تكن تلك الكلمات مجرد همس، بل كانت وعداً صادقاً منها لنفسها، وعداً بأن هذه الليلة لن تنتهي كما أرادوها أن تكون .. نظرت إلى الكعب العالي الذي يجعلها تشعر وكأنها عالقة في عالم لا ينتمي إليها ثم خلعته بسرعة .. وبجرأة فتحت النافذة المطلة على الحديقة الخلفية للقصر كانت الإضاءة الخافتة تنعكس على المساحات الخضراء، والورود تزين الحديقة التي بدت وكأنها جزء من قصر ساحر ومع ذلك، كان قلبها بعيداً عن كل هذا الثراء الزائف رفعت طرف فستانها الأبيض وركضت بكل ما أوتيت من قوة، حافية القدمين بعيداً عن هذا العالم الذي أرادوا لها أن تكون جزءًا منه. في الشارع المضاء بأضواء خافتة، توقفت ليزا عند سيارة أجرة، لكن السائق لم يكن كما توقعت فقد عاكسها بكلمات بغيضة، لتدفعه بعيداً وتركض مبتعدة "لا يمكنني الوثوق بأحد هنا .." همست لنفسها، وهي تركض بجنون وبينما كان صوت أنفاسها يتسارع، والعرق يتصبب من جبينها .. فستانها الأبيض الطويل كان يتعثر بقدميها، لكنها لم تتوقف لم تكن تهرب من أشخاص فقط، بل من مصيرٍ فرض عليها دون رحمة. حين بلغت الطريق الرئيسي، التفتت لتتأكد أن لا أحد يلاحقها فجأة، في تلك اللحظة، كانت سيارة سوداء فارهة تسير بسرعة على الطريق الموازي .. ألبرت، الرجل الذي لا يعرف الرحمة، كان يقودها بعصبية واضحة في طريقه إلى مقر اجتماعه الليلي، عينيه مركزتين على الطريق أمامه، حتى ظهرت فجأة ليزا وهيا تركض من الظلام إلى منتصف الطريق لم يكن لديه وقت كافي للفرملة. "تباً!" صرخ، وحاول الالتفاف، لكن الفتاة اصطدمت مباشرة بمقدمة السيارة، جسدها ارتفع في الهواء، ضرب رأسها الزجاج الأمامي بقوة، قبل أن تسقط على الأرض بلا حراك، فستانها الأبيض أصبح ملطخاً بالدماء والتراب. ضغط ألبرت على المكابح بعنف، لتتوقف السيارة بصوت صرير مدوٍ. فتح الباب بسرعة ونزل إلى الخارج، هرع نحوها وهي ملقاة على الأرض شعر بأرتباك نادر لم يعهده في نفسه انحنى إليها، كانت مغطاة بالدماء، وعينيها مغمضتين رفع رأسها بحذر، فوجد أن هناك جرحاً واضحاً في جبينها، وآثار ضربة كبيرة على جانب بطنها. بينما كان يتفحصها، رفعت ليزا يدها ببطء وقبضت في يده، فتح عينيه بدهشة حين سمع صوتها المكسور يخرج منها، بالكاد مسموعاً: "لا ... تتركني ... أرجوك ... لا أريد هذا الزفاف" حملها بين ذراعيه دون تردد، وهو يحملها وجدها تفتح عيونها ببطء .. "هل أنتِ بخير" سألها بصوت عميق. لكنها، رغم ألمها وخوفها، تمالكت نفسها وقالت: "اتركني .. لا أحتاج مساعدتك" ضحك بصوت منخفض، تلك الضحكة التي تحمل استهزاءً خفيفاً، وقال: "بعدما رميتِ نفسك أمام سيارتي، لا تملكين الحق في هذا القرار" وقبل أن تتمكن من الرد، شعرت بأن العالم ينهار حولها مجددًا، وفقدت الوعي مرة أخرى. ألبرت وضعها بهدوء على المقعد الخلفي لسيارته، وأغلق الباب، قبل أن يتجه نحو مقعده. وقف للحظة، ينظر إليها عبر المرآة الخلفية، قبل أن يهمس لنفسه بصوت منخفض وعميق، وكأنما يحدث روحها الغائبة: "الغريب في الحياة .. أن من يحاول الهرب غالباً ما يجد نفسه يقترب أكثر مما يهرب منه" أدار المحرك، واندفعت السيارة بسرعة في ظلام الليل. وصل ألبرت إلى قصره الضخم بسرعة، وهو يحملها بين ذراعيه وأخذها في غرفة مجهزة في الطابق العلوي، وضعها على السرير برفق، ولم ينتظر لحظة واحدة؛ اتصل بطبيبته الخاصة وأمر بإحضارها فوراً. حين وصلت الطبيبة، أشار إليها بسرعة نحو الغرفة،وقفت الطبيبة تنظر إلى حالتها، ثم قالت بصرامة: "عليك الانتظار بالخارج، سأحتاج إلى العمل وحدي" ألبرت، غادر الغرفة ليقف في الممر، قبل أن تغلق الطبيبة الباب، سمع ليزا، رغم فقدانها للوعي، تهمس بصوت مكسور مرة أخرى: "لا تتركني ..." نظر ألبرت إلى الطبيبة بحدة، وكأنه يطلب تفسيراً، لكنها هزت رأسها قائلة: "أحتاج إلى الوقت لتقييم حالتها" بدأت الطبيبة بتعقيم الجروح كان الجرح في الرأس خطيراً لكنه سطحي، بينما كانت الكدمة في البطن أعمق، مما جعل المنطقة حولها تتحول إلى لون موف داكن أخذت عينة من الدم للتأكد من عدم وجود نزيف داخلي. بعد ساعات من العمل، خرجت الطبيبة أخيراً، ووجدت ألبرت واقفاً في مكانه، ويديه مضمومتين بقوة قالت: "لقد نجت، لكن حالتها تحتاج إلى راحة مطلقة، الضربة على رأسها كانت قوية، وقد تستفيق قريباً لكنها ستحتاج إلى المراقبة" ألبرت استمع إلى كلمات الطبيبة بلا أي تعبير على وجهه، عينيه ثابتتان كأنه حجر منحوت لا حياة فيه، نظر إلى الباب المغلق حيث ترقد ليزا، لكنه لم يظهر أي أثر للقلق أو التردد. بصوت حازم وجاف قال للطبيبة: "إن حدث أي خطأ، ستدفعين الثمن" هزت الطبيبة رأسها سريعاً وهي تغادر المكان، تاركة إياه واقفاً في الممر، يراقب الباب بهدوء قاتل، اخذ خطوة نحو الغرفة، فتح الباب ببطء ودخل. كانت ليزا مستلقية على السرير، شاحبة ومضطربة، شفتيها ترتجفان بكلمات غير واضحة، اقترب منها ببطء، وقف إلى جانبها ينظر إليها دون أن يلمسها. فجأة، خرجت منها كلمات مكسورة، بالكاد مسموعة، لكنها تحمل ألماً عميقاً: "لا أريد ... لا أريد أن أكون هنا ... لا تتركني ..." نظر اليها وعيناه تضيء بحدة غامضة، لم يبدو عليه التعاطف، بل بدا وكأنه يدرسها كفريسة عالقة في مصيدته. انحنى نحوها قليلاً، حتى أصبح وجهه قريباً منها، وقال بصوت بارد وحاد: "لن أتركك، ليس لأنك طلبتِ ذلك ... بل لأنك الآن تخصيني يا صغيرة" وقف ألبرت واستدار ليغادر الغرفة وقبل أن يغلق الباب خلفه، ألقى نظرة أخيرة عليها وقال لنفسه، بصوت لا يسمعه أحد: "في عالمي، الرحمة لا وجود لها .. والآن، أنتِ جزء من هذا العالم" جملة النهاية: "في عالم تحكمه القسوة، لا مكان للهروب .. لأن الأقفاص الأكثر قسوة، هي تلك التي لا نرى قضبانها"
شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم